الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الثواب العظيم المذكور في الحديث مرتب على مجموع هذه الأعمال، فمن أتى بها جميعها حصل على هذا الثواب بإذن الله تعالى، وأما من أتى ببعضها فله ثواب ما أتى به من الطاعة، لكن لا يكون مستحقا للثواب الوارد في الحديث.
جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: وفي الحديث مشروعية الغسل يوم الجمعة، ومشروعية التبكير والمشي على الأقدام، والدنو من الإمام، والاستماع، وترك اللغو، وأن الجمع بين هذه الأمور سبب لاستحقاق ذلك الثواب الجزيل. اهـ
ولا يشترط استصحاب الطهارة، لا أثناء المشي للمسجد، ولا في المسجد، لكن من طرأ عليه حدث وجبت عليه الطهارة للصلاة.
ففي كتاب (الفروع وتصحيح الفروع) من كتب الحنابلة: يسن الغسل لها أحدث بعده أو لا، ولو لم يتصل غسله بالرواح "م" وأفضله عند مضيه، وسبقه بجماع، نص عليه. اهـ
ويشهد لذلك فعل بعض السلف. ففي مصنف ابن أبي شيبة: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، أنه كان يغتسل يوم الجمعة، ثم يحدث بعد الغسل، ثم لا يعيد غسلا. اهـ
أما بالنسبة لسؤالك الثالث: فتراجع له الفتوى: 236128.
وأما بالنسبة لسؤالك الرابع: فالأصل هو الاشتغال بالعبادات في ذلك الوقت، وليس السكوت، ويشهد له ظواهر النصوص.
جاء في الفروع وتصحيح الفروع: ويسن الدنو من الإمام، واستقبال القبلة، والاشتغال بالصلاة والذكر، وكذا بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في يومها، لأمر الشارع به في أخبار. اهـ
فمن لم يعمر وقته ذلك بالذكر، فقد فوت على نفسه الخير الكثير.
وأما بالنسبة لسؤالك الخامس: (ودنا من الإمام): يعني: جاء مبكرا بحيث يكون قريبا من الإمام؛ وهو حث على تحصيل الصف الأول.
وجاء في مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود للسيوطي: وأمّا قوله: (ودنا من الإمام فاستمع) فهما شيئان مختلفان، قد يستمع ولا يدنو من الخطيب، وقد يدنو ولا يستمع، فندب إليهما جميعًا.
وعليه؛ فالأمر منوط بالتبكير بالحضور، والحرص على الصف الأول مع القرب من الإمام ومكانه ما أمكن، وليس في ذلك بيان لمقدار مسافة معينة.
والله أعلم.