الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأخ يعطي أخاه من ماله بحيث يمنعه ذلك من النفقة الواجبة على زوجته وأولاده؛ فهذا غير جائز.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ إلَّا نَفَقَةُ شَخْصٍ، وَلَهُ امْرَأَةٌ، فَالنَّفَقَةُ لَهَا دُونَ الْأَقَارِبِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا، فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى قَرَابَتِهِ. انتهى.
أمّا إذا كان الأخ ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف؛ فله أن يعطي أخاه ما شاء من ماله، سواء كان أخوه فقيراً أو غنياً، وإذا كان أخوه فقيراً؛ فالراجح عندنا وجوب إنفاقه عليه ما دام موسراً، وانظر التفصيل في الفتوى: 44020
وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ الأخ الموسر يجب عليه إعفاف أخيه الفقير إذا كانت عليه نفقته.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وعلى الأبِ إعْفافُ ابْنِه إذا كانت عليه نَفَقَتُه، وكان مُحْتاجًا إلى الإعْفافِ. ذكَرَه أصْحابُنا. وهو قولُ بعْضِ أصْحابِ الشافعي. وقال بعْضُهم: لا يجبُ ذلك. ولَنا، أنَّه مِن عَمُودَيْ نَسَبِه، وتَلْزَمُه نَفَقَتُه، فيَلْزَمُه إعْفافُه عندَ حاجَتِه إليه، كأبِيه.
قال القاضي: وكذلك يجيء في كلِّ مَن لَزِمَتْه نَفَقَتُه؛ مِن أخٍ، وعَمٍّ، وغيرِهم. انتهى.
وعلى أية حال، فلا يلزم الزوج أن يخبر زوجته بما يعطيه لأخيه أو غيره، وليس في عدم إخبارها بذلك خيانة لها، أو إساءة لعشرتها، بل ربما كان ذلك مطلوباً في كثير من الأحوال من باب مداراة الزوجة، وقطع أسباب الخلاف والشجار معها.
وإذا قام الأخ بما يجب عليه من النفقة على زوجته وأولاده؛ فإعانته لأخيه بماله؛ عمل صالح، وينبغي عليه أن ينوي به صلة الرحم والإحسان إلى القربى.
والله أعلم.