الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في سنن الترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كربه أمر قال: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث. وحسنه الشيخ الألباني.
وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: قوله: (كان إذا كربه أمر) أي: أصابه كرب وشدة وقيل: أي: شق عليه أمر وأهمه شأنه، وفي رواية ابن السني ((إذا حَزَبَه أمر)) وفي حديث ابن مسعود عند الحاكم: إذا نزل به هم أو غم. اهـ
وقال المناوي في فيض القدير: (كان إذا كربه أمر) أي شق عليه وأهمه شأنُه (قال يا حيُّ يا قيوم برحمتك أستغيث). في تأثير هذا الدعاء في دفع هذا الهم والغم مناسبةٌ بديعةٌ، فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال مستلزمة لها، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا قيل: إن اسمَه الأعظمَ هو الحيُّ القيوم، والحياة التامة تضاد جميع الآلام والأجسام الجسمانية والروحانية، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم، ونقصان الحياة يضر بالأفعال وينافي القيومية، فكمال القيومية بكمال الحياة، فالحي المطلق التام الحياة لا يفوته صفة كمال البتة، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة، فالتوسل بصفة الحياة والقيمومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة وتغير الأفعال، فاستبان أن لاِسمِ الحيِّ القيوم تأثيرا خاصا في كشف الكرب وإجابة الرب" انتهى.
والله أعلم.