الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلو اتفق الطرفان (السائل وشركة الكهرباء) على ذلك، لحين تركيب العداد الفعلي: فلا حرج - إن شاء الله تعالى -، ويغتفر الغرر هنا؛ إما لكونه يسيرًا؛ لأن الاستهلاك يمكن تقديره بالعادة، أو بمعرفة متوسطة، وإما لمشقة الاحتراز منه، وفي كلا الحالين يغتفر الغرر، قال ابن القيم في زاد المعاد: ليس من بيع الغرر بيع المغيبات في الأرض -كاللفت، والجزر- ... فإنها معلومة بالعادة، يعرفها أهل الخبرة بها .. ولو قدر أن في ذلك غررًا، فهو غرر يسير يغتفر في جنب المصلحة العامة التي لا بدّ للناس منها، فإن ذلك غرر لا يكون موجبًا للمنع، فإن إجارة الحيوان والدار والحانوت مساناة لا تخلو عن غرر؛ لأنه يعرض فيه موت الحيوان، وانهدام الدار، وكذا دخول الحمام، وكذا الشرب من فم السقاء، فإنه غير مقدر مع اختلاف الناس في قدره، وكذا بيوع السلم، وكذا بيع الصبرة العظيمة التي لا يعلم مكيلها، وكذا بيع البيض والرمان والبطيخ والجوز واللوز والفستق، وأمثال ذلك مما لا يخلو من الغرر، فليس كل غرر سببًا للتحريم. والغرر إذا كان يسيرًا، أو لا يمكن الاحتراز منه، لم يكن مانعًا من صحة العقد. اهـ.
وقال المواق في شرح مختصر خليل عند قوله: (واغتفر غرر يسير): جواز الكراء لشهر مع احتمال نقصه وتمامه، وجواز دخول الحمام مع اختلاف قدر ماء الناس ولبثهم فيه، والشرب من الساقي؛ إجماعًا في الجميع - دليل على إلغاء ما هو يسير غير مقصود دعت الضرورة للغوه. اهـ. وانظر للفائدة الفتويين: 284857، 144917.
والله أعلم.