الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فساكنو الجنة من الحور العين وغيرهم، يتناولهم الاستثناء المذكور في آيات النفخ في الصور، كقوله تعالى: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ {النمل:87}، وقوله عز وجل: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ {الزمر:68}، على خلاف بين أهل العلم في تعيين هؤلاء المستثنين، وانظر الفتوى: 289339.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: أما الاستثناء فهو متناول لمن في الجنة من الحور العين؛ فإن الجنة ليس فيها موت، ومتناول لغيرهم. ولا يمكن الجزم بكل من استثناه الله، فإن الله أطلق في كتابه. اهـ.
وقال ابن القيم في كتاب الروح: استثنى الله سبحانه بعض من في السماوات ومن في الأرض من هذا الصعق، فقيل: هم الشهداء. هذا قول أبى هريرة، وابن عباس، وسعيد بن جبير. وقيل: هم جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت. وهذا قول مقاتل، وغيره. وقيل: هم الذين في الجنة من الحور العين وغيرهم، ومن في النار من أهل العذاب وخزنتها. قاله أبو إسحق بن شاقلا من أصحابنا. وقد نص الإمام أحمد على أن الحور العين والولدان لا يمتن عند النفخ في الصور، وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى}. اهـ.
والله أعلم.