الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي أنّ يصدّك عن الزواج خوفك من الفقر، أو تبدل الأحوال، وما دمت تريد الزواج لإعفاف نفسك وصونها عن الحرام، مع حرصك على إبقاء زوجتك الأولى، رعاية لها ولأولادك، وإرضاءا لوالديك؛ فالزواج بأخرى في حقّك؛ مطلوب، وهو بإذن الله يكون سبباً للغنى والبركة.
جاء في تفسير القرطبي: "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله". وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله، واعتصاما من معاصيه.
وقال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا هذه الآية. انتهى.
واعلم أن غض البصر عن الحرام من أنفع الأمور لحفظ الفرج وصلاح القلب، كما أن إطلاق البصر في المحرمات يزهّد الزوج في زوجته ولو كانت أجمل نساء الأرض، ويفتح الأبواب للشيطان ليزين له الافتتان بغيرها والنفور منها، وقد يندفع الإنسان وراء رغبة عارضة ثم يندم ولا يحصل مراده.
قال ابن الجوزي -رحمه الله- في كتاب صيد الخاطر: أكثر شهوات الحس النساء, وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج والتسري.
فإذا حصل له مراده، لم يزل ينظر في العيوب الحاصلة، التي ما كان يتفكر فيها، فيملّ، ويطلب شيئًا آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها، أو لا عقل، أو لا محبة لها، أو لا تدبير، فيفوت أكثر مما حصل. انتهى.
والله أعلم.