الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن أساء إليك؛ فلك هجره ثلاثة أيام، ولا يجوز لك هجره أكثر من ذلك؛ ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
ويزول الهجر عند الجمهور بمجرد السلام على الشخص، أو ردّ السلام عليه، قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام، وردّه. انتهى.
لكن إذا كان عليك ضرر في دِينك، أو دنياك، لا يزول إلا بهجر هذا الشخص؛ فيجوز هجره فوق ثلاثة أيام حينئذ، قال ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ، أَوْ يُوَلِّدُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ: فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ؛ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ، وَبُعْدِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ. انتهى.
واعلم أنّ العفو عن المسيء، خلق كريم، وهو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}.
وإن كان مقصودك بكتمان علمك عنه، وعن أولاده؛ كتمان الأخبار الخاصة بك عنهم؛ فهذا في الأصل جائز، لا حرج فيه.
وأمّا إن كان مقصودك كتمان العلم الذي يجب بذله وتعليمه؛ فهذا غير جائز، وراجع ضابط العلم الذي لا يجوز كتمانه في الفتوى: 154293.
والله أعلم.