الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالغيبة تكون باللسان، وبغيره، ومنه الكتابة، قال ابن حجر الهيتمي في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: {ولا تلمزوا أنفسكم} [الحجرات:11]: أي: لا يعب بعضكم على بعض، واللمز بالقول، وغيره، والهمز بالقول فقط. وروى البيهقي عن ابن جريج أن الهمز بالعين، والشدق، واليد، واللمز باللسان. انتهى.
وفي كتاب آفات اللسان في ضوء الكتاب والسُّنَّة للقحطاني: والغيبة لا تختص باللسان، فحيثُ ما أفهمتَ الغير ما يكرهه المغتاب، ولو بالتعريض، أو الفعل، أو الإشارة، أو الغمز، أو اللمز، أو الكتابة، وكذا سائر ما يتوصل به إلى المقصود، كأن يمشي مشيه، فهو غيبة، بل هو أعظم من الغيبة؛ لأنه أعظم، وأبلغ في التصوير والتفهيم. انتهى.
وعليه؛ فإن التحلل من الغيبة أو البهتان، سواء كانت الغيبة باللسان أم بالكتابة، يصح، سواء وقع بالطلب باللسان أم بكتابة رسالة في الجوال؛ لأن المطلوب من المغتاب أن يتحلل من الذي اغتابه.
ولم يشترط العلماء كون ذلك باللسان فقط، وإن صوّروا المسألة بالتلفظ بطلب المسامحة؛ لأن ذلك من باب التمثيل، والتحلل من الذي اغتابه المرء مطلب شرعي، قال ابن حجر الهيتمي: وأما العرض: فإن اغتبته، أو شتمته، أو بهته، فحقك أن تكذب نفسك بين يدي من فعلت ذلك عنده، وأن تستحل من صاحبه، إن أمكنك هذا، إذا لم تخش زيادة غيظ، وتهييج فتنة في إظهار ذلك وتجديده، فإن خشيت ذلك، فالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ليرضيه عنك. الفتاوى الكبرى.
والله أعلم.