الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك المصافحة المعروفة باليد، فلم نجد كلاما للفقهاء عنها؛ وذلك لأن العادة أن الأيدي مشغولة بتناول الطعام، ولا تتفرغ للمصافحة بسبب ما هي مشغولة به.
وأما إذا قصدت بالمصافحة مجرد إلقاء السلام على من يأكل، فقد كرهه طائفة من الفقهاء.
جاء في أسنى المطالب في شرح روض الطالب: (ولا يسلم على من في الحمام) أي لا يستحب السلام عليه ... (أو) على من (يأكل) وخصه الإمام بحالة المضغ، وجزم به النووي في أذكاره، والشرب كالأكل كما في التعليقة...
(ولا يلزم) من لا يستحب السلام عليه (الرد عليه) أي على من سلم عليه، ويستثنى منه السلام على مستمع الخطبة، فإنه يجب فيه الرد مع أنه مكروه كما مر في باب الجمعة بما فيه).
وفي كشاف القناع عن متن الإقناع: (و) يكره السلام (على من يأكل، أو يقاتل) لاشتغاله (وفيمن يأكل نظر) قاله في الآداب الكبرى، أي: في كراهة السلام عليه نظر. قال: وظاهر التخصيص أنه لا يكره على صغيرهما. ومقتضى التعليل: خلافه، أي: تعليلهم باشتغالهما... (ومن سلم في حالة لا يستحب فيها السلام) كالأحوال السابقة (لم يستحق جوابا) لسلامه. اهـ.
ومنهم من قيد المسألة بحالة أن تكون اللقمة في الفم.
قال النووي -رحمه الله- في "الأذكار": ومن ذلك إذا كان يأكلُ واللقمة في فمه، فإن سلَّم عليه في هذه الأحوال لم يستحقّ جواباً.
أما إذا كان على الأكل وليست اللقمةُ في فمه، فلا بأسَ بالسلام، ويجبُ الجواب. اهـ.
قال الشوكاني: معناه صحيح إذا كانت اللقمة في فم الآكل، كما قيده به النووي في الأذكار، وسبقه إليه الإمام مع إطلاق النووي المنع في المنهاج تبعا لأصله، فإن سَلّم عليه والحالة هذه لا يستحق جوابا، أما إذا كان على الأكل وليست اللقمة في فمه فلا بأس بالسلام، ويجب الرد. اهـ.
والله أعلم.