الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي، وفي المشكاة وضعيف الجامع، وصححه في تعليقه على صحيح ابن حبان.
وذكر صاحب كتاب "تراجعات الألباني" أن هذا الحديث ضعفه الشيخ، ثم صححه.
وعلة الحديث -كما قال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان-: عطاء بن السائب: اختلط، وأبو الأحوص -وهو سلامة بن سليم- سمع منه بعد الاختلاط. اهــ.
والإيعاد مصدر وعد، ومعنى إيعاد بالخير أي أمر به، وإيعاد بالشر أي أمرٌ به. فإيعاد الشيطان بالشر أي أنه يأمر بالشر، بالكفر والفسوق والمعاصي.
قال صاحب المفاتيح: (فإيعاد) في كلا الموضعين بهمزةٍ مكسورة بعدها ياءٌ منقوطةٌ تحتها بنقطتين، وهو مصدرُ (أوعد): إذا وَعَدَ أحدًا وَعْدَ شرٍّ، ووَعَد وَعْدًا وعِدَةً: إذا وَعَد وَعْدَ خيرٍ ... الإيعاد في الشر، والوعيد أيضًا يستعمل في وَعْد الشر.
يعني: نزولُ الشيطان في القلب لا يكون إلا ليأمر الرجلَ بالشر، مثل الكفر واعتقاد السوء والفسق، وليأمر الرجلَ أن يكذَّب ما هو حقٌّ، ككتب الله تعالى ورسله عليهم السلام، وأحوالِ القبر والحشر، وأحوال القيامة... الملك يأمر الرجل بما هو خيرٌ كفعل الصلاة والصوم وأداء الزكاة والصدقات، وغيرِ ذلك من الخيرات، ويأمره بأن يصدق كتب الله ورسله وأحوال القبر والقيامة. اهــ.
ولفظ "ابن آدم" في الحديث عام يشمل المؤمن والكافر، ولا وجه لتخصيص الإيعاد بالخير بالمؤمن، ولا تخصيص الإيعاد بالشر للكافر. وقول الله تعالى في سورة البقرة: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. [البقرة: 268]. ليس المخاطب بها المؤمنون فقط.
قال ابن جرير الطبري: يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِالصَّدَقَةِ، وَأَدَائِكُمُ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْكُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ أَنْ تَفْتَقِرُوا، {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268] يَعْنِي: وَيَأْمُرُكُمْ بِمَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَرْكِ طَاعَتِهِ. اهــ.
والله أعلم.