الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن العجب أن تكون امرأة تربت على الدِّين، والأخلاق الفاضلة؛ ثم تسلك هذا السلوك المنحرف المخالف للدِّين، والمنافي للأخلاق الفاضلة، فبدلًا من سعيها في إصلاح زوجها الفاسد، أو مفارقته، إذا بها تسخط ربّها، وتدنّس عِرضها، وتخون الأمانة بالوقوع في المحرمات.
وإن كان الأمر قد وصل إلى الزنى، فهو من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، ولا سيما إذا وقع من محصنة، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}، قال ابن القيم -رحمه الله- في روضة المحبين: فأما سبيل الزنى، فأسوأ سبيل، ومقيل أهلها في الجحيم شرّ مقيل، ومستقرّ أرواحهم في البرزخ في تنور من نار، يأتيهم لهبها من تحتهم، فإذا أتاهم اللهب، ضجوا، وارتفعوا، ثم يعودون إلى موضعهم، فهم هكذا إلى يوم القيامة، كما رآهم النبي في منامه، ورؤيا الأنبياء وحي، لا شك فيها، ويكفي في قبح الزنى أن الله سبحانه وتعالى -مع كمال رحمته- شرع فيه أفحش القتلات، وأصعبها، وأفضحها، وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله. انتهى.
ومع ذلك؛ فإن من سعة رحمة الله، وعظيم كرمه أنه من تاب توبة صادقة، فإن الله يقبل توبته، ويعفو عنه، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة الصادقة، وذلك بتحقيق الشروط التالية:
أولًا: الإقلاع فورًا عن هذه الفاحشة، دون تهاون، ولا تسويف، مع اجتناب أسبابها، وقطع الطرق الموصلة إليها، والحذر من اتّباع خطوات الشيطان.
وثانيًا: بالندم على الوقوع في هذه المعصية الشنيعة، والاستحياء من الله الذي سترك بحِلمه، ولم يعاجلك بالعقوبة، وفتح لك باب التوبة قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم، وتنكشف فيه السرائر، وتبدو فيه السوءات والفضائح.
وثالثًا: بالعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب.
والإكثار من الأعمال الصالحة، والحسنات الماحية، مع كثرة الذِّكر، والدعاء.
ثمّ اجتهدي في استصلاح زوجك، وإعانته على التوبة، والاستقامة على طاعة الله تعالى.
فإن لم يتب؛ ففارقيه بطلاق، أو خلع.
وإذا صدقت مع الله تعالى، واتقيتِه، فلن يضيعك، وسيجعل لك مخرجًا، ويعوّضك خيرًا.
والله أعلم.