الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك بكون الله جبل إبليس على المعصية: أنه جبره عليها، بحيث لم يكن مخيرًا في فعلها، فهذا كلام باطل منكر؛ فإن الله تعالى لم يجبر إبليس على ترك السجود، بل قد خلق الله له إرادة، ومشيئة، وقدرة بها تقع أفعاله، وباختياره وإرادته المحضة قرّر معصية الله تعالى؛ ولذا تجد الله تعالى قد نسب تلك الأفعال إليه؛ لأنها واقعة باختياره ومشيئته، كما قال تعالى: إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {ص:74}.
فهو الذي أبى، وهو الذي استكبر، والله تعالى لا يظلم أحدًا مثقال ذرة، وهو سبحانه لا يسأل عما يفعل؛ لكمال عدله، وحكمته، وإبليس، وسائر الكفار معترفون بعدل الله، مقرون بأنه لم يظلم أحدًا شيئًا، كما قال بعض السلف: إن أهل النار دخلوا النار، وإن حمد الله لفي قلوبهم، ما وجدوا عليه سبيلًا. وانظر لزامًا فتوانا: 130310.
وأما إن كان مقصودك السؤال عن الحكمة من خلق إبليس، ولماذا أوجده الله تعالى مع علمه بأنه يعصيه، ويفعل ما فعل من الغواية والإضلال؟ فقد بينا في فتاوى كثيرة ما لله تعالى من حكمة بالغة في خلق إبليس، وتمكينه من التزيين للبشر، وانظر لذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 183595، 113928، 93355.
والله أعلم.