واجب الأخ تجاه أخته التي تفعل ما لا يرضي الله إذا لم يقم الأب بدوره
29-3-2020 | إسلام ويب
السؤال:
أختي خارجة عن الطريق، فهي تعيش في بلد، وأنا وأهلي نعيش في بلد ثانٍ، وأبي لا يعلم التفاصيل بالضبط، ولكنه يعلم أمورًا عنها، وهذه التفاصيل لا ترضي أي أب غيور، ولكني أراه لا يحرّك ساكنًا، ولا يهمّه الأمر، فهل يجب أن أروي له التفاصيل عن ما تفعل هي؟ وإذا لم يفعل شيئًا، فما هو دوري؟ علمًا أني لا أنام الليل مرتاحًا بسببها، ولكني -يعلم الله- ما بيدي حيلة؛ لأني متزوج، ولديّ أربعة أطفال، وكنت أتمنى أن أسافر لها، وأستر عليها، ولكن الظروف أقوى مني، وأبي لديه بيت، ولا يجعلها تسكن فيه، بل تركها تسافر، وهي بنت، وما كان لها إلا أن تخرج عن الطريق وسط الظروف الصعبة -لا بيت، ولا زوج، لا أحد يحميها- فماذا أفعل؟ أريد فتوى تريح صدري: هل أترك عائلتي وأذهب لأسترها، أو أخبر أبي وهو يتصرف؟ وهل عليَّ إثم بصفتي أخوها؟
الإجابــة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ندري كيف أمكنكم معرفة ما تقوم به أختك وأنتم في بلد آخر، فإن كان ذلك مبنيًّا على خبر مظنون؛ فالأصل في المسلم السلامة حتى يتبين خلافها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ... {الحجرات:12}، ثم إن الله عز وجل أمر بالتثبت من الأخبار، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.
ويبقى النظر بعد ذلك فيما إذا ثبت ما ذكر عنها، فنقول حينئذ:
لا يجوز تركها على هذا الحال، وأبوها هو وليها، والمسؤول عنها أمام الله عز وجل يوم القيامة، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}، قال السعدي في تفسيره: أي: أولادكم - يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم: فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد، والعقاب. اهـ.
وفي الحديث المتفق عليه عن ابن عمر -رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته.
فالأمور المجملة التي ذكرت أن أباك يعرفها عنها، كافية في الكلام معه عن حالها، وبذل النصح له بوجوب الحزم في ذلك معها، مع شيء من الرفق، واللين، خاصة وأنها فيما يبدو في بلد قد تكون قوانينها في صالحها، لو حاولت أن تحتمي بها، فليجتهد في بذل كل وسيلة تمكنه من صيانتها، وكفها عن الشر، ومن ذلك أمر الزواج، إن لم تكن متزوجة.
ولا تخبره بالتفاصيل، إلا إذا دعت الحاجة لذلك، فأخبره بقدر الحاجة، فإن قام بما يجب عليه تجاهها، فالحمد لله، وإلا فقم أنت بما يجب عليك من مناصحتها بالحسنى، وتذكيرها بالله عز وجل، والوقوف بين يديه يوم القيامة.
وإن أمكنك السفر إليها، والعمل على ما يصونها، فهو أمر حسن.
ولا تنسوا من أن تكثروا من الدعاء لها بالهداية، وخاصة دعاء الوالدين، فإنه مستجاب، روى ابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهنّ، لا شك فيهنّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.
والله أعلم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ندري كيف أمكنكم معرفة ما تقوم به أختك وأنتم في بلد آخر، فإن كان ذلك مبنيًّا على خبر مظنون؛ فالأصل في المسلم السلامة حتى يتبين خلافها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ... {الحجرات:12}، ثم إن الله عز وجل أمر بالتثبت من الأخبار، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.
ويبقى النظر بعد ذلك فيما إذا ثبت ما ذكر عنها، فنقول حينئذ:
لا يجوز تركها على هذا الحال، وأبوها هو وليها، والمسؤول عنها أمام الله عز وجل يوم القيامة، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}، قال السعدي في تفسيره: أي: أولادكم - يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم: فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد، والعقاب. اهـ.
وفي الحديث المتفق عليه عن ابن عمر -رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته.
فالأمور المجملة التي ذكرت أن أباك يعرفها عنها، كافية في الكلام معه عن حالها، وبذل النصح له بوجوب الحزم في ذلك معها، مع شيء من الرفق، واللين، خاصة وأنها فيما يبدو في بلد قد تكون قوانينها في صالحها، لو حاولت أن تحتمي بها، فليجتهد في بذل كل وسيلة تمكنه من صيانتها، وكفها عن الشر، ومن ذلك أمر الزواج، إن لم تكن متزوجة.
ولا تخبره بالتفاصيل، إلا إذا دعت الحاجة لذلك، فأخبره بقدر الحاجة، فإن قام بما يجب عليه تجاهها، فالحمد لله، وإلا فقم أنت بما يجب عليك من مناصحتها بالحسنى، وتذكيرها بالله عز وجل، والوقوف بين يديه يوم القيامة.
وإن أمكنك السفر إليها، والعمل على ما يصونها، فهو أمر حسن.
ولا تنسوا من أن تكثروا من الدعاء لها بالهداية، وخاصة دعاء الوالدين، فإنه مستجاب، روى ابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهنّ، لا شك فيهنّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.
والله أعلم.