الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فطالما أنكم تقرّون أن والدكم لم يكتب ما كتب من أملاكه باسم زوجته على سبيل الهبة، ولا التمليك، وإنما مضطرًّا لذلك كإجراء وقائي لتجنب أن يشملها الحجز الاحتياطي؛ فإن ما كتبه لزوجته لم يدخل في ملكها، ولم يخرج عن ملكه، بل هو باقٍ على حاله، ويدخل في تركته بعد موته.
ويثبت لوالديه -جدّكم وجدتكم- حقّهم في الميراث، فلكل واحد منهما سدس جميع ممتلكاته؛ لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11]، وينتقل الحق في هذا السدس لورثة كل واحد منهما بعد موته.
ومن ثم؛ فلأعمامكم وعمّاتكم الحقّ في المطالبة بنصيب أبويهم من تركة أخيهم المتوفى قبلهما.
ولا يحل لكم أن تمنعوا هذا الحق عن أصحابه، بل عليكم أن تبادروا إلى إيصاله إليهم، مع طلب مسامحتهم عن تأخيره عنهم طيلة هذه السنين، وأن يسامحوا والدتكم على ظلمها لهم؛ فإن حرمان أي وارث من نصيبه، أو منعه من التصرف فيه، من كبائر الذنوب، ومن الظلم البيّن، والتعدّي الواضح لحدود الله تعالى، فقد قال الله تعالى بعد أن بين أنصبة المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي ، قال السعدي: أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها، وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها. اهـ.
والله أعلم.