الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالغبن الذي هو خداع المشتري، أو المستأجر؛ حرام، كمن يزيد في الثمن، أو الأجرة تغريرًا بالمشتري أو المستأجر؛ لكونه يجهل ثمن المثل، أو أجرة المثل، فهذا غش محرم، سواء كان الغبن يسيرًا أو فاحشًا، لكن لا يفسخ البيع، أو الإجارة إلا بالغبن الفاحش، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الغبن محرم؛ لما فيه من التغرير للمشتري، والغش المنهي عنه، ويحرم تعاطي أسبابه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من غشنا، فليس منا.
قال ابن العربي: إن الغبن في الدنيا ممنوع بإجماعٍ في حكم الدنيا؛ إذ هو من باب الخداع المحرم شرعًا في كل ملة، لكن اليسير منه لا يمكن الاحتراز منه لأحد، فمضى في البيوع؛ إذ لو حكمنا بردّه ما نفذ بيع أبدًا؛ لأنه لا يخلو منه، حتى إذا كان كثيرًا أمكن الاحتراز منه، وجب الردّ به. والفرق بين القليل والكثير أصل في الشريعة معلوم. انتهى. وراجع الفتوى: 71813.
وأمّا مجرد الزيادة في الربح، أو الأجرة عن المثل، مع علم المشتري، أو المستأجر ورضاه؛ فهذا جائز في الشرع، وليس له حد معين، بدليل حديث عروة بن الجعد.
وجاء في صحيح البخاري: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وست مائة ألف. انتهى.
فهذه بيوع عن تراضٍ، ليس فيها تغرير، ولا غش، فجازت مع زيادة الربح زيادة كثيرة.
لكن مع ذلك؛ فإنّ من أخلاق المسلم أن يكون سمحًا في بيعه وشرائه، وأن يكون رفيقًا بالناس، ميسرًا عليهم. وراجع الفتوى: 106578.
والله أعلم.