الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالسؤال هو رفع دعوى كاذبة بقصد الوصول بها إلى حقك، فهذه الطريقة محرمة شرعًا، قال ابن تيمية -في تعداد أقسام الحيل-: القسم الثالث: أن يقصد بالحيلة أخذ حق، أو دفع باطل، لكن يكون الطريق في نفسه محرمًا؛ مثل أن يكون له على رجل حق مجحود، فيقيم شاهدين لا يعلمانه، فيشهدان به، فهذا محرم عظيم عند الله قبيح، لأن ذينك الرجلين شهدا بالزور، حيث شهدا بما لا يعلمانه، وهو حملهما على ذلك، وكذلك لو كان له عند رجل دين، وله عنده وديعة، فجحد الوديعة، وحلف ما أودعني شيئًا، أو كان له على رجل دين لا بينة به، ودين آخر به بينة، لكن قد أقضاه، فيدعي هذا الدين، ويقيم به البينة، وينكر الاقتضاء، ويتأول: إني إنما أستوفي ذلك الدين الأول، فهذا حرام كله؛ لأنها إنما يتوصل إليه بكذب منه، أو من غيره، لا سيما إن حلف. والكذب حرام كله. وهذا قد يدخل فيه بعض من يفتي بالحيلة، لكن الفقهاء منهم لا يحلونه. اهـ. من إقامة الدليل على إبطال التحليل.
وقال ابن القيم: القسم الرابع: أن يقصد بالحيلة أخذ حق أو دفع باطل، وهذا القسم ينقسم إلى ثلاثة أقسام أيضًا:
أحدها: أن يكون الطريق محرمًا في نفسه، وإن كان المقصود به حقًّا، مثل أن يكون له على رجل حق فيجحده، ولا يبينه له، فيقيم صاحبه شاهدي زور يشهدان به، ولا يعلمان ثبوت ذلك الحق.
ومثل أن يطلق الرجل امرأته ثلاثًا، ويجحد الطلاق، ولا يبينه لها، فتقيم شاهدين يشهدان أنه طلّقها، ولم يسمعا الطلاق منه.
ومثل أن يكون له على رجل دَين، وله عنده وديعة، فيجحد الوديعة، فيجحد هو الدَّين، أو بالعكس، ويحلف ما له عندي حق، أو ما أودعني شيئًا، وإن كان يجيز هذا من يجيز مسألة الظفر.
ومثل أن تدّعي عليه المرأة كسوة، أو نفقة ماضية كذبًا وباطلًا، فينكر أن تكون مكّنته من نفسها، أو سلمت نفسها إليه، أو يقيم شاهدي زور أنها كانت ناشزًا؛ فلا نفقة لها ولا كسوة.
ومثل أن يقتل رجل وليه، فيقيم شاهدي زور ولم يشهدا القتل، فيشهدا أنه قتله.
ومثل أن يموت موروثه، فيقيم شاهدي زور أنه مات وأنه وارثه، وهما لا يعلمان ذلك، ونظائره ممن له حق لا شاهد له به، فيقيم شاهدي زور يشهدان له به؛ فهذا يأثم على الوسيلة دون المقصود، وفي مثل هذا جاء الحديث: «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» .اهـ. من أعلام الموقعين.
والله أعلم.