الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت من هذه التصرفات السيئة من أمك تجاهك، فإننا نستغربه؛ لما هو معلوم من مزيد شفقة الأم وحنانها على أولادها جميعا، وعلى البنات على وجه الخصوص.
وقد أحسنت بصبرك عليها واحتمالك أذاها، واجتنابك ما قد يكون سببا لاستفزازها وإثارة المشاكل.
وسبق أن بينا أنه مهما أساء الوالد لولده -أبًا كان هذا الوالد أم أمًّا- فلا يسقط ذلك عن ولده وجوب بره والإحسان إليه. فانظري الفتوى: 397060.
واعلمي أن من أعظم إحسانك لأمك سعيك في صلاح حالها، ومن السبيل إلى ذلك الدعاء لها، فارفعي إلى ربك يدي الضراعة. وسليه بقلب حاضر، ويقين وحسن ظن أن يهديها صراطه المستقيم، ويجنبها سبل الغواية ونزغات الشيطان الرجيم، فعسى أن تستجاب لك دعوة صالحة تصلح حالها، فتنالين رضا ربك ومحبته ومغفرته ودخول جنته. وراجعي الفتوى: 119608.
وإن كان حالك معها ما ذكرت من أنك تحاولين برها وخدمتها، وأنك تعملين على إراحتها، فلا شك في أن هذا من أعظم البر. ولكن لا يغيب عن ذهنك أنك مهما فعلت معها من إحسان، فلن توفيها حقها.
روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي بردة أنه شهد ابن عمر -رضي الله عنهما- ورجلٌ يمانيٌ يطوف بالبيت - حمل أمه وراء ظهره - يقول:
إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر
ثم قال: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة.
وإن لم يحدث منك ما يقتضي العقوق من الإساءة أو التضجر أو العبوس في وجهها ونحو ذلك، فلست مذنبة، وللمزيد فيما يتعلق بضابط العقوق، راجعي الفتوى: 73485.
وإن دعت عليك بغير وجه حق، فنرجو أن لا يستجاب دعاؤها عليك. وراجعي الفتوى: 170683.
والله أعلم.