الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمّ لا ولاية لها في تزويج ابنتها، فالذي يزوج البنت أبوها، ولا ولاية لأحد غيره في تزويجها ما دام أهلاً للولاية.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وأما المرأة الحرة، فأولى الناس بتزويجها أبوها، ولا ولاية لأحد معه. انتهى.
والشروط المعتبرة في الزواج هي الشروط التي تشترطها المرأة الرشيدة، أو وليها على الزوج في العقد، ولم يكن فيها ما يخالف الشرع، أو ينافي مقتضى العقد.
وإذا لم يف الزوج بالشرط، لم يبطل الزواج، ولكن يثبت للزوجة حقّ الفسخ.
وإذا كانت الزوجة بالغة رشيدة، فلها أن تسقط ما شرط لمصلحتها؛ لأنها صاحبة الحق، فإذا أسقطته سقط. ولا يؤثر ذلك في صحة عقد النكاح.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى، عند الكلام عن الشروط في النكاح: فإن أسقطت حقها من الشرط، يسقط مطلقًا، قال في الإنصاف: إنه الصواب. انتهى.
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ كما في فتاويه ـ عن الزوج الذي اشترط عليه ولي زوجته بقاءها في بلدها، وعدم انتقالها مع زوجها إلى بلد آخر... إلى آخره.
فكان الجواب: إن اشتراط الزوجة، أو وليها على الزوج أن لا يخرجها من دارها، أو من بلدها ، شرط صحيح، لازم، يتعين العمل به؛ لما روى عقبة بن عامر مرفوعًا: إن أحق الشروط أن توفوا به، ما استحللتم به الفروج. رواه الشيخان. وروى الأثرم بإسناده: أن رجلًا تزوج امرأة، وشرط لها دارها، فأراد نقلها، فخاصموه إلى عمر -رضي الله عنه- فقال: لها شرطها. لكن إن رضيت الزوجة بالانتقال معه، فالحق لها، وإذا أسقطته سقط... انتهى.
وعليه؛ فإذا تم العقد على اشتراط أن يكون لك مسكن مستقل مملوك لك، ورضيت بالسكن في بيت واحد مع الزوجة الأخرى؛ فلا يؤثر ذلك على صحة الزواج، ولا حرج عليك، ولا على زوجك حينئذ.
لكن الذي ننصحك به أن تطالبي زوجك بمسكن مستقل، وهذا حقّ لك بغض النظر عن الشرط المذكور.
وننصحك بأن تصارحي أمّك بما اتفقتما عليه، بخصوص السكن، وتتفاهمي معها، وتتشاوري مع أبيك وغيره من الأقارب العقلاء، ثمّ تستخيري الله تعالى قبل الإقدام على ما عزمت عليه.
والله أعلم.