الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على غيرتك على الدين، وانتهاك الحرمات، وحرصك على الإنكار على إخوتك، ونسأل الله عز وجل أن يرزقهم الهداية والصلاح.
ونوصيك بكثرة الدعاء لهم بخير، فالله عز وجل قادر على إصلاحهم، فالقلوب بين يديه، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وراجع آداب الدعاء في الفتوى: 119608.
ورضا الأم من أعظم الطاعات ومن أفضل القربات، فاحرص عليه قدر الإمكان، واعمل على مداراتها والتلطف بها، فقد أوصى الله عز وجل بها وصية خاصة، فقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14}.
قال ابن حجر في فتح الباري: وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين. فسوى بينهما في الوصاية، وخص الأم بالأمور الثلاثة. اهـ.
وجعلت السنة لها ثلاثة أرباع البر، ففي الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ:" أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ". قال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري: وحديث أبي هريرة يدل على أن لها ثلاثة أرباع البر. اهـ.
وفي الأدب المفرد للبخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة.
لكن إن غضبت عليك لغير مسوغ شرعي كتسويرك لبيتك، أو قيامك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فليس من حقها ذلك، وطاعتها لا تجب بإطلاق، ولكنها مقيدة بضوابط؛ كما أوضحنا في الفتوى: 76303.
ولكن نؤكد على ما ذكرناه سابقا من عملك على إرضائها ما استطعت.
وننبه في الختام إلى أهمية المناصحة لإخوتك بالحسنى والرفق واللين، مع اختيار الوقت المناسب لتؤتي النصيحة ثمرتها.
والله أعلم.