الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشاب على دِين وخُلُق، فما كان ينبغي لأمّك أن تعارض زواجك منه؛ لمجرد كونه من جنسية أخرى، والتعلّل بما كان من فشل زواج أختك من شخص من جنسية غير جنسيتها.
ولا بأس بأن تستمري في محاولة إقناعها، وتوسيط بعض الشفعاء لها ممن ترجين أن تسمع لقولهم، هذا مع الإكثار من الدعاء بأن يتيسر أمر إقناعها.
فإن اقتنعت، فالحمد لله، وإن رفضت -ولم يكن لها مسوّغ شرعي- كان لوليّك تزويجك، ولو كرهت أمّك ذلك، واجتهدي بعد ذلك في رضاها.
فإن امتنع الوليّ، كان لك الحق في رفع الأمر إلى القضاء الشرعي؛ لينظر في الأمر، ويرفع عنك الضرر بأمر وليّك بتزويجك، أو أن يقوم القاضي بتزويجك. وانظري الفتويين: 185441، 325546.
وإن رأيت طاعة أمّك وبرّها وكسب رضاها بترك الزواج من هذا الشاب، فلعل الله تعالى يرزقك بسبب ذلك من الخير ما لا يخطر لك على بال.
وإن لم يتيسر لك الزواج منه، فاقطعي كل علاقة لك به؛ لكونه أجنبيًّا عنك.
ولا تتركي الزواج بالكلية لمجرد تعلق قلبك بهذا الشاب، فما يدريك أن يكون في زواجك منه خير لك، فكم من زواج قام على مثل هذا الحب، وكانت نهايته الفشل! ففوّضي أمرك إلى الله عز وجل، وسليه أن يرزقك الزوج الصالح الذي تسعدين معه، فهو القائل سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والزواج تعتريه الأحكام التكليفية، ومن ذلك: أنه قد يكون واجبًا؛ وذلك فيما إذا خشي المرء على نفسه الفتنة.
ونحن نعيش في زمان كثرت فيه الفتنة، وأسبابها من المغريات، ومثيرات الشهوة، فلا تتركي الزواج، فتحرمي نفسك من كثير من مصالحه في دينك، ودنياك. وراجعي لمزيد الفائدة، الفتوى: 3011، والفتوى: 200097، والفتوى: 194929.
وعلاج العشق ميسور لمن كان عازمًا عليه، وأقبل على الله بصدق، وسبق أن بينا بعض سبل علاجه في الفتوى: 9360.
ونسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يقدّر لك الخير، ويرزقك الزوج الصالح الذي تسعدين معه، وترزقين منه ذرية طيبة تكون قرة عين لكما.
والله أعلم.