الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفضيلة التي تطمحين إلى الاتصاف بها، قد جاء ذكرها في حديث رواه أحمد والبخاري وأبو داود والبخاري في الأدب المفرد عن عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وامرأة سفعاء الخدين، كهاتين يوم القيامة. وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة: امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال، حبست نفسها على يتاماها حتى بانوا، أو ماتوا.
وفي مسند أبي يعلى من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: أنا أول من يُفْتَحُ لي باب الجنة، فإذا امرأة تبادرني فأقول: من أنتِ؟ فتقول: أنا امرأة تأيمت على أيتام لي.
فهذا الحديث والذي قبله، يدل على فضيلة حبس المرأة نفسها عن الزواج لأجل رعاية أولادها.
قال المظهري في كتابه المفاتيح في شرح المصابيح: "حَبَسَتْ نَفْسَها"؛ أي: تركت التزوجَ بزوجٍ آخر، واشتغلت بخدمة أولادها الذين من الزوج الذي مات. انتهى.
والظاهر أنه إذا كان الزواج لا يشغلها عن رعاية أولادها، بل ربما أعانها الزوج في تكاليف أعباء الحياة ماديا و معنويا -كما هو حال السائلة- فنرجو أن لا ينقص أجرها بزواجها، إذ الزواج بمجرده لا ينقص من الأجر.
والأصل أن الأفضل للمرأة إذا مات زوجها أن تتزوج، خاصة إذا دعتها الحاجة إليه، أو خشيت على نفسها التعرض للفتنة، بل قد يكون الزواج واجبا في حقها والحالة هذه.
ولو كان ترك الزواج للأرملة فضيلة على كل حال، لتركت نساء الصحابة ومن بعدهم من الصالحات الزواج بعد موت أزواجهن. ولكنّ الواقع خلاف ذلك، فقد اشتهر تزوج كثير منهن بعد موت أزواجهن.
والله أعلم