الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن اللحن المؤثر على صحة الصلاة هو ما يكون في الفاتحة لا في غيرها من السور، وأنت تعلم أن الفاتحة ليس فيها حرف الظاء ولا حرف الثاء، فإذا كان الإمام المشار إليه لا ينطقهما بشكل صحيح، أو يبدلهما بحرف آخر، فينبغي استبداله بغيره، ولكن لا تبطل صلاته، ولا صلاة من خلفه.
وأما إبدال حرف الذال بالزاي، فقد ذكرنا لك في الفتوى التي أحلناك إليها أن هذا مؤثر، ولا يصح اقتداء من يحسن القراءة بهذا الإمام، وأن بعض متأخري علماء الأحناف ذهب إلى صحة الصلاة خلف من يبدل الذال زايا، ونحو ذلك لأنه مما تعم به البلوى.
وأما ماذا تفعل إذا دخلت المسجد لتصلي الفريضة، وعند الإقامة وجدت ذلك الشخص يستعد ليصلي بالناس إماما؟ فيمكنك أن تصلي خلفه بنية الانفراد، وتوافقه في الظاهر فقط، وقد نص بعض الفقهاء على جواز هذا الفعل في مثل هذه الصورة.
قال الزرقاني في شرح مختصر خليل في معرض كلامه على صور الاقتداء بالإمام:
ثانيهما أن يتابعه في أفعاله لا على أن يحمل عنه ما ذكر، ويأتي في صلاته بما تتوقف صحتها عليه، فهو إنما يتابعه صورة لا حقيقة، وهذه لا يشترط فيها نية الاقتداء، وصلاته صحيحة بدونها، وإنما يحصل ذلك غالبًا ممن يعلم قادحًا في صلاة الإمام، ويخشى ضررًا بصلاته منفردًا عنه. اهــ.
وأما عن صلاتك في البيت منفردا، وهل تلزمك الصلاة في المسجد البعيد؟ فإن صلاة الجماعة عند القائلين بوجوبها في المسجد إنما يوجبونها على من سمع النداء، فإن شككت هل يمكنك سماع النداء أم لا، فالأصل براءة ذمتك، وعدم وجوبها عليك في المسجد، ثم إن جمهور الموجبين لصلاة الجماعة لا يوجبونها في المسجد، وتتحقق الجماعة عندهم في أي مكان، فإذا صليت في البيت، فاحرص على صلاتها جماعة مع أهلك. وانظر الفتوى: 395443.
والله أعلم.