الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا أخذ الأخ الأكبر نصيب غيره من الميراث دون رضاه، فهذا -بلا ريب- من الظلم.
ومنع هذا الأخ عن أخيه الأصغر الأوراق التي تثبت حقه في الميراث بعد أن طلبها منه، يعد من الظلم، ومطل الحقوق، إذا كان ذلك يحول بين الحق وصاحبه، ولا سيما إذا توفي أحدهما، أو فسدت ذمته وأراد أكل مال أخيه بالباطل.
فينبغي أن تتاح هذه الأوراق لكل ذوي الحق، أو يوثق مضمونها بطريقة تضمن لكل ذي حق حقه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. متفق عليه.
قال الخطابي في معالم السنن: هذا في الوصية التي هو متبرع بها من نحو صدقة، وبر، وصلة، دون الديون، والمظالم التي يلزمه الخروج عنها، فإن من عليه دينًا، أو قبله تبعة لأحد من الناس، فالواجب عليه أن يوصي فيه، وأن يتقدم إلى أوليائه فيه؛ لأن أداء الأمانة فرض واجب عليه. اهـ.
وأما رفض الأخ الأصغر أن يعطي أخاه نصيب نفسه من الميراث، فليس من الظلم؛ فكل امرئ أولى بحقه.
ومطالبة المرء بحقه، ليست من الإساءة في شيء.
وإذا ترتب على مثل هذه المطالبة أن يهجر المطلوب منه أخاه، ويقطع رحمه، فإثم ذلك عليه هو، لا على المطالب بحقه.
وإن كان أولاد الأخ الأصغر يحتاجون إلى هذا المال، فهم أولى بمعروف والدهم من عمّهم، وخاصة إذا كان عمّهم ميسور الحال، أو يجد ما يكفيه.
والله أعلم.