الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائلة الكريمة ابتداء إلى أن أسئلتها تدل دلالة واضحة على أنها موسوسة في موضوع الكفر، فننصحها بعد تقوى الله تعالى بالكف عن تلك الوساوس.
وقد جرت عادتنا أننا لا نسترسل مع الموسوس في الإجابة عن كل ما يسأل عنه، فنرجو أن يكون هذا السؤال هو الأخير في تلك الوسوسة، وإلا فإننا سنضطر إلى عدم الإجابة عن أسئلتها.
ونقول اختصارا جوابا عن سؤالك هذا: لا يجوز تأخير شيء من أركان التوبة، لأن التوبة واجبة على الفور، وتأخيرها معصية أخرى تحتاج إلى توبة.
قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: وَالتَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَنْ أَخَّرَهَا زَمَانًا صَارَ عَاصِيًا بِتَأْخِيرِهَا، وَكَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ عِصْيَانُهُ بِتَكَرُّرِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَّسِعَةِ لَهَا، فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْبَةٍ مِنْ تَأْخِيرِهَا، وَهَذَا جَارٍ فِي تَأْخِيرِ كُلِّ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْ الطَّاعَاتِ. اهــ
وإذا كانت واجبة على الفور، فإن أركانها واجبة على الفور، إذ لا تصح إلا باكتمال تلك الأركان من الندم، والعزم على عدم العودة، والإقلاع عن الذنب. فمن أقلع عن الذنب اليوم مثلا، وأخر العزم على عدم العودة للذنب إلى الغد، فإنه لم يحقق التوبة الواجبة فورا، فهو عاصٍ، ولكن تصح توبته باكتمال أركان التوبة ولو تأخرت، فالواجب على العبد أن يتوب إلى الله تعالى فورا توبة مستجمعة لشروطها بدون تأخير.
والله أعلم.