الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فطالب الجهاز قد وكّلك في البحث له عنه، وشرائه، وائتمنك على السعر، وما فعلته من إعلامه بسعر غير حقيقي لتأخذ الفارق لنفسك كذب محرم، وأكل لماله بالباطل. والواجب عليك رد الخمسة آلاف التي أخذتها لنفسك إليه، ولو بطرق غير مباشرة.
وأما أرباح تلك الخمسة آلاف: فقد اختلف فيها، هل تملكها أنت لكونك ضامنًا للمبلغ، والخراج بالضمان، أو يكون الربح لصاحب المبلغ، ولا شيء لك منه؛ لكون يدك عادِيَة، وليس لعرق ظالم حق، أو يكون الربح بينكما، لك نصفه بحكم عملك وجهدك، ولرب المبلغ نصفه بحكم استثمار ماله.
وقد لخّص شيخ الإسلام ابن تيمية أقوال العلماء في ذلك مع بيان الراجح فقال -رحمه الله -: المال المغصوب إذا عمل فيه الغاصب حتى حصل منه نماء, ففيه أقوال للعلماء: هل النماء للمال وحده, أو يتصدقان به، أو يكون بينهما كما يكون بينهما إذا عمل فيه بطريق المضاربة... كما فعل عمر بن الخطاب لما أقرض أبو موسى الأشعري ابنيه من مال الفيء مائتي ألف درهم, وخصهما بها دون سائر المسلمين، ورأى عمر بن الخطاب أن ذلك محاباة لهما لا تجوز، وكان المال قد ربح ربحًا كثيرًا بلغ به المال ثمانمائة ألف درهم، فأمرهما أن يدفعا المال وربحه على بيت المال, وأنه لا شيء لهما من الربح؛ لكونهما قبضا المال بغير حق، فقال له ابنه عبيد الله: إن هذا لا يحلّ لك، فإن المال لو خسر وتلف، كان ذلك من ضماننا، فلماذا تجعل علينا الضمان، ولا تجعل لنا الربح!؟ فتوقف عمر، فقال له بعض الصحابة: نجعله مضاربة بينهم وبين المسلمين، لهما نصف الربح، وللمسلمين نصف الربح، فعمل عمر بذلك.
وهذا مما اعتمد عليه الفقهاء في المضاربة, وهو الذي استقر عليه قضاء عمر بن الخطاب, ووافقه عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو العدل، فإن النماء حصل بمال هذا, وعمل هذا, فلا يختص أحدهما بالربح, ولا تجب عليهم الصدقة بالنماء، فإن الحق لهما لا يعدوهما، بل يجعل الربح بينهما، كما لو كانا مشتركين شركة مضاربة. انتهى.
وعلى ما رجَّحه شيخ الإسلام، فإنك تستحق نصف الربح، والنصف الباقي يُرَدُّ مع الخمسة آلاف لصاحبها.
وللفائدة انظر الفتوى: 325234.
والله أعلم.