الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما بغض طوائف الكفار المختلفة للإسلام، فمنشؤه ما على قلوبهم من الطبع، والختم؛ فإنهم لما آثروا الضلالة على الهدى، زادهم الله رجسًا إلى رجسهم، وطبع على قلوبهم، كما قال تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ {الصف:5}، وقال تعالى: قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا {مريم:75}، وقال تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ {الأنعام:110}.
ولما طبع الله على قلوبهم، صاروا يرون الباطل حقًّا، والغي رشًدا، فهم لا يهتدون، وإن رأوا كل آية، كما قال تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا {الأنعام:25}.
وهذه حكمة الله تعالى، فهو أعلم بمواضع الهداية والضلال، فيهدي من يعلم أنه أهل للهداية، ويضل من يعلم أنه أهل للإضلال، كما قال تعالى: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا {المائدة:41}، وقال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ {الأنعام:125}.
فإذا علمت هذا؛ فالواجب دعوة الكفار -لمن كان متأهلًا لذلك- بالحكمة، والموعظة الحسنة؛ حتى ينقذ الله به منهم من علم فيه الخير، فيخرجه من الظلمات إلى النور.
وأما مثلك من العامة، فلا ينبغي له مراجعة كلامهم، والنظر فيما يقولون، والتصدي لمقاولتهم ومجادلتهم؛ فإن هذا يفتقر إلى علم كثير.
فنصيحتنا لك هي أن تهتم بتعلم أحكام دينك، وأن تبتعد عن المواقع والمصادر التي تلقي وتبث الشبهات، والتي يتقول القائمون عليها على الإسلام وأهله غير الحق.
والله أعلم.