الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمبلغ الذي لوالدتك ــ رحمها الله ــ على الضمان يعتبر من جملة التركة، ويقسم بين كل ورثتها القسمة الشرعية للميراث.
وأما ما ذكرته من الدين على أحد الأبناء، فإن قامت البينة على الدين، أو أقر ذلك الوارث بأنه مدين للوالدة، فلا يخلو الحال من أمرين:
أولهما: أن يكون الدين قد حل أجله، فللورثة الحق حينئذ في مطالبته بسداد الدين فورا، فإذا سدده قُسِمَ بين الورثة القسمة الشرعية للميراث، ودُفِعَ له نصيبه كاملا، فإن أبى أن يسدد الدين، فللورثة الحق في انتزاع ذلك الدين من نصيبه في الميراث، ويُعطى ما بقي إن بقي من نصيبه شيء، وما خصم من نصيبه يقسم على الورثة القسمة الشرعية بمن فيهم الابن المدين.
ثانيهما: أن يكون الدين مؤجلا لم يحن وقت سداده بعد، فعلى الورثة أن ينتظروا حتى يحين وقت السداد، ويطالبونه به، والدين الذي للميت لا يحل أجلُه بموته في قول جمهور أهل العلم.
جاء في الموسوعة الفقهية: وَالدُّيُونُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ تَنْتَقِل إِلَى الْوَرَثَةِ بِالصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا حَال حَيَاةِ الدَّائِنِ، فَمَا كَانَ مِنْهَا حَالًّا انْتَقَل إِلَى الْوَرَثَةِ حَالاً، وَمَا كَانَ مِنْهَا مُؤَجَّلاً أَوْ مُقَسَّطًا انْتَقَل كَمَا هُوَ مُؤَخَّرًا إِلَى أَجَلِهِ، حَيْثُ إِنَّ الأْجَل عِنْدَهُمْ لاَ يَسْقُطُ بِمَوْتِ الدَّائِنِ، وَحُكِيَ عَنِ اللَّيْثِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّ كُل مَنْ مَاتَ وَلَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، فَإِنَّهُ يَنْتَقِل بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى وَرَثَتِهِ حَالًّا، وَيَبْطُل الأْجَل بِوَفَاتِهِ. اهــ.
وأما إن أنكر الابن أصلا أنه مدين للوالدة، ولم يستطع الورثة أن يقيموا البينة الشرعية على دعواهم، دُفِعَ له نصيبه كاملا، وليس من حقهم أن يخصموا شيئا منه، وعند الاختلاف والتنازع يرفع الأمر إلى المحكمة الشرعية.
والله أعلم.