الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن الشرع قد رخص في الكذب بين الزوجين بغرض تقوية العلاقة، وحفظ الود بينهما، وحسن العشرة، بشرط أن لا يترتب عليه هضم حق الآخر، وسبق أن بينا هذا كله في الفتوى: 376915.
وقد أوضحنا فيها اختلاف العلماء في المراد بالكذب في الحديث الوارد بهذا الشأن، وأن منهم من حمله على الكذب حقيقة، ومنهم من رأى أن المراد به التورية. ومقصودنا من هذا أن ما يفعله زوجك مشروع في أصله، إن لم يترتب عليه منع حق لك.
ويبقى الإشكال في الإفراط في استخدام هذه الرخصة، فهذا مما لا ينبغي؛ لأن ذلك يترتب عليه عكس ما سبق أن ذكرناه فيما يتعلق من مقصود الشرع من هذه الرخصة، وهو جانب المودة وحسن العشرة.
فنصيحتنا لك أن تتفاهمي مع زوجك في ضوء ما بينا، بعيدا عن أي تشنج أو عصبية؛ لئلا يستغل الشيطان ذلك، فيوقع بينكما العداوة والبغضاء، وبالتالي الفراق، وهو غاية أماني الشيطان، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت. قال الأعمش: أراه قال: «فيلتزمه».
والله أعلم.