الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد دلت الأحاديث الصحيحة أن العبد إذا مات، ودفن في قبره ترد إليه روحه، ويأتيه الملكان يسألانه، وبحسب توفيقه في جواب الملكين يكون حاله في حياته البرزخية. فمن وفَّقه الله تعالى كان في نعيم، ومن لم يوفَّق كان في عناء وعذاب -والعياذ بالله تعالى-.
وأما مستقر الأرواح بعد سؤال الملكين، وما يتعلق به. فقد ذكره ابن القيم في كتابه ( الروح )، ورجح أنه لا يوجد لها مكان معين. بل لها عدة أمكنه. فمنها -مثلاً- ما يكون على أفنية القبور، ومنها: ما يكون في الجنة، ومنها: ما يكون محبوسًا على باب الجنة، ومنها: ما يتنقل. فقال رحمه الله تعالى:
هذه مسألة عظيمة، تكلّم الناس فيها، واختلفوا فيها، وهي إنما تُتَلقّى من السمع فقط، واختلف في ذلك: فقال قائلون: أرواح المؤمنين عند اللَّه في الجنّة شهداء كانوا، أم غير شهداء، إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة، ولا دَين، وتلقّاهم ربهم بالعفو عنهم، والرحمة لهم، وهذا مذهب أبي هريرة، وعبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه عنهم -.
وقالت طائفة: هم بفناء الجنة على بابها، يأتيهم، من رَوحها، ونعيمها، ورزقها.
وقالت طائفة: الأرواح على أفنية قبورها.
وقال مالك: بلغني أن الروح مرسلة، حيث شاءت.
وقال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد اللَّه: أرواح الكفّار في النار، وأرواح المؤمنين في الجنة. انتهى.
وللمزيد ـ عن الحياة البرزخية انظر الفتوى: 142947، والفتوى: 93833.
والله أعلم.