الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا يجزئ دفع الزكاة مع الشك في استحقاق الآخذ هل هو من أهل الزكاة أم لا، بل لا بد من اليقين، أو غلبة الظن بأنه من مصارفها، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَّا لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، فَاحْتَاجَ إلَى الْعِلْمِ بِهِ؛ لِتَحْصُلَ الْبَرَاءَةُ، وَالظَّنُّ يَقُومُ مَقَامَ الْعِلْمِ؛ لِتَعَذُّرِ، أَوْ عُسْرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ يَظُنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، فَدَفَعَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ بَانَ مِنْ أَهْلِهَا، لَمْ يُجْزِئْهُ. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا دَفَعَ الْمُزَكِّي الزَّكَاةَ وَهُوَ شَاكٌّ فِي أَنَّ مَنْ دُفِعَتْ إِلَيْهِ مَصْرِفٌ مِنْ مَصَارِفِهَا، وَلَمْ يَتَحَرَّ، أَوْ تَحَرَّى وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ، فَهُوَ عَلَى الْفَسَادِ. اهــ.
وما دام أن ذلك الرجل قد أجرى العملية، ولم يحتج إلى مال الزكاة لإجرائها، فإنه لا تدفع له الزكاة؛ لمجرد الظن أنه ربما يحتاج إلى دواء، ونحوه؛ لأنه قد يكون قادرًا على الدواء، وإن لم يكن قادرًا على تكلفة العملية.
والخلاصة: أنه إذا لم تعلم، أو يغلب على ظنك أن ذلك الرجل من مصارف الزكاة، فإن ذمتك لم تبرأ، وتطالب بإخراج الزكاة الآن.
والذي يظهر لنا من السؤال أيضًا أن جارك قد تعدّى بدفع المال لذلك المريض؛ لأنك أخبرته بأنه ليس من مصارفها، فاحتفظ بالمال عنده، ثم دفعه له من غير إذنك، فإذا كان الأمر كذلك، فإنه ضامن، ولك الحق في مطالبته بالمال. وانظر الفتوى: 381101 بعنوان: هل يجوز للوكيل مخالفة قول موكِّله في توزيع زكاة المال؟
والله أعلم.