الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالربا من المحرمات القطعية التي لا تباح إلا عند الضرورة، وتعرف الضرورة بأنها بلوغ المكلف حداً إن لم يتناول الحرام هلك أو قارب على الهلاك. قال الزركشي -رحمه الله- في المنثور في القواعد: فالضرورة: بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك، أو قارب؛ كالمضطر للأكل واللبس، بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم. والحاجة : كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك، غير أنه يكون في جهد ومشقة، وهذا لا يبيح المحرَّم. انتهى .
وقال الزحيلي في نظرية الضرورة الشرعية : الضرورة هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو -أي عضو من أعضاء النفس- أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى
ومما جاء في فتوى مجمع البحوث الإسلامية حول الربا: والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة. وكل امرىء متروك لدينه في تقدير ضرورته. اهـ
وعليه؛ فالاقتراض بفائدة ربا لا يجوز الإقدام عليه ما لم تلجئ إليه ضرورة معتبرة؛ كما بينا في الفتوى: 230224.
ثم إنه قد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج، إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى
وعلى المسلم أن يتقي الله تعالى، ويتحرى الحلال، وقد وعد سبحانه المتقين في كتابه فقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3،2].
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.