الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا ما للوالد في مال ولده، والضوابط التي تسوغ له الأخذ من ماله، فراجع فتوانا: 46692.
ومنها تعلم أنه ليس لأبيك أن يأخذ من مالك على وجه يكون فيه ضرر عليك، ويوقعك بسببه في شيء من الحرج، وإن طلب منك ما يجحف بمالك، فرفضت، لا تكون عاقًّا له، ولكن وصيتنا لك أن تجتهد في محاولة اتقاء غضبه بمداراته، واستخدام التورية في الكلام؛ ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، وسبق بيان المقصود بالتورية، وضابط جوازها في الفتوى: 328750.
وإذا أردت أن تحاوره، وتحاول إقناعه بحاجتك للمال للزواج، ونحوه، فاستعن عليه بالله أولًا، ثم بالمقربين إليه، ومن ترجو أن يقبل قولهم.
وما ذكرت من رفعك صوتك على أبيك، لا شك في أنه من العقوق، فتجب عليك التوبة منه، وطلب مسامحته.
والغضب أمره خطير، فهو مدخل من مداخل الشيطان، فعلى المسلم أن يتقيه، قدر الإمكان، وأن يعمل على معالجته بالوسائل التي جاءت بها السنة، وسبق بيانها في الفتوى: 8038.
وإن كان أبوك لا يثني عليك، أو يدعو لك بخير عند تلبيتك طلبه، فهو مسيء بذلك، ومخالف لما جاء في الأدب النبوي، روى أبو داود، والنسائي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من آتى إليكم معروفًا، فكافئوه، فإن لم تجدوا، فادعوا له؛ حتى تعلموا أن قد كافأتموه.
والله أعلم.