الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فننبهك أولا أن الأحاديث التي اختص بها حذيفة -رضي الله عنه- ليست مقصورة على أحاديث الفتن، بل خصه النبي -صلى الله عليه وسلم- بغيرها كأسماء المنافقين، ثم إن القول بأن حذيفة لم يحدث بأحاديث الفتن إلا في خلافة عمر هذا يحتاج إلى تتبع واستقراء، ولا نعلم أحدا من أهل العلم قاله، فلا ندري من أين أتيت به، ولم نجد ما يفيد تحديد سنة بعينها دون غيرها حدث فيها حذيفة بأحاديث الفتن، ونرى أن البحث في هذا غير مفيد.
وقد جاء ما يدل على أن حذيفة رضي الله عنه لم يحدث بكل أحاديث الفتن قبل مماته، وأنه لم يخبر بما أسره له به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها، وإنما كان يخبر ببعضها مما سمعه معه صحابة آخرون، فيخبر به في بعض المناسبات؛ كما في الصحيحين في قصته مع عمر حين سأله عن الفِتْنَة الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ البَحْرُ. فقَالَ حذيفةُ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا، قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: البَابُ عُمَرُ. اهــ
والله تعالى أعلم.