الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة -رضي الله عنها- بالخدمة الباطنة في البيت، ولم يأمر عليًّا -رضي الله عنه- بإحضار خادم لها؛ لكونه -رضي الله عنه- معسرًا، جاء في فتح الباري لابن حجر: وحكى ابن حبيب عن أصبغ، وابن الماجشون عن مالك أن خدمة البيت تلزم المرأة، ولو كانت الزوجة ذات قدر وشرف، إذا كان الزوج معسرًا، قال: ولذلك ألزم النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بالخدمة الباطنة، وعليًّا بالخدمة الظاهرة. انتهى.
فهذا أحد أقوال أهل العلم في مسألة إخدام الزوجة، وهناك أقوال أخرى، لكنهم اتفقوا على وجوب إخدام المرأة العاجزة عن خدمة نفسها، كالمريضة، وذهب الجمهور إلى وجوب إخدام المرأة التي لا تخدم نفسها عادة، كالتي نشأت في بيت لها فيه من يخدمها، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجب على الزوج الموسر إخدام زوجته، التي لا يليق بها خدمة نفسها، بأن كانت تخدم في بيت أبيها، أو كانت من ذوي الأقدار؛ لكون هذا من حقها في المعاشرة بالمعروف المأمور بها في قوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف}، ولأن هذا من كفايتها، ومما يحتاج إليه في الدوام، فأشبه النفقة.
كما اتفقوا على أن الإخدام يجب على الزوج للزوجة المريضة، والمصابة بعاهة لا تستطيع معها خدمة نفسها، وإن كانت ممن لا يخدم مثلها؛ لأن مثل هذه لا تستغني عن الخدمة.
وجاء فيها أيضًا: اختلف الفقهاء في وجوب الإخدام على المعسر للزوجة التي تستحق الخدمة، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة إلى أن وجوب الإخدام على الزوج الموسر فقط. أما إذا كان الزوج معسرًا، فلا يجب عليه الإخدام؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر. انتهى.
وعليه؛ فإن كانت زوجتك عاجزة عن خدمة نفسها، أو كانت ممن لا تخدم نفسها عادة، وكنت موسرًا، فالواجب عليك أن تحضر لها خادمًا.
وليس لك تأخير إحضار الخادم مع قدرتك على ذلك، إلا إذا رضيت زوجتك بذلك، فلا حرج عليك حينئذ؛ لأنّ الحق لها.
أمّا إذا كانت زوجتك قادرة على الخدمة، من غير ضرر، ولا غضاضة، فلا يجب عليك أن تحضر لها خادمًا، ولو كنت موسرًا.
والمفتى به عندنا، أنّ عليها أن تخدمك بالمعروف، وراجع الفتوى: 13158.
والله أعلم.