الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرسم الوجه وحده من الإنسان، أو رسمه مع بعض البدن دون بقيته مما لا يعيش الإنسان بدونه، كالصدر أو البطن: محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرخص فيه، ومنهم من يرى حرمته. ولا ريب في أن الأورع والأتقى لله تعالى، هو البعد عن رسم الوجه خصوصا؛ لما جاء في الحديث الشريف: الصورة الرأس؛ فإذا قطع الرأس فلا صورة. رواه الإسماعيلي، وصححه الألباني. وراجعي في ذلك الفتاوى: 312259، 269392، 33103.
وعلى ذلك؛ فإن خلا الرسم مما لا يعيش الإنسان إلا به، كالصدر والبطن، فلذلك وجه في الرخصة، ولا يجب طمسه أو إزالته عند من يرخص فيه. ويبقى أن الأفضل هو البعد عن رسم الوجه بتفاصيله. وهذا يتناول رسم الأشخاص الحقيقيين، ورسم الشخصيات الكرتونية، والرسومات المتحركة. ولمزيد الفائدة عن مسألة الرسم عموما، يمكن الاطلاع على الفتويين: 4138، 14116.
وأخيرا ننبه على أن قدرة بعض الأشخاص على رسم الصور المحرمة، ووجود مثل هذه الموهبة، لا يعني جوازها، شأنها في ذلك شأن القدرة على فعل أي محرم، أو ارتكاب أي معصية أخرى. يبتلى المرء بذلك ليظهر معدنه، وهل يؤثر مرضاة الله على هوى نفسه أم العكس، وفي نحو هذا المعنى يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المائدة: 94]، وقال سبحانه: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ [الأعراف: 163].
والله أعلم.