الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يشكو أمره إلى الله تعالى, ويبث له أحزانه, ويرفع إليه دعاءه, ويسأله تفريج كرباته, فهو الذي يجيب المضطرّ إذا دعاه. والشكوى إلى الله تعالى لا تنافي الصبر.
جاء في كتاب الزهد والورع لشيخ الإسلام ابن تيمية: والصبرُ الجميل صبر بلا شكوَى. قال يعقوب عليه الصلاة والسلام: إنما أشكُو بثِّي وحزني إلى الله. مع قوله: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. فالشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل.
ويُروى عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول: اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان.
ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي الله، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك، لك العتبى حتى ترضى.
وكان عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر: إنما أشكو بثِّي وحزني إلى الله، ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف، بخلاف الشكوى إلى المخلوق. انتهى.
والشكوى إلى الله تكون برفع الضرر إليه, وطلب الإعانة منه, وتفريج الكروب، فيجوز للسائلة مثلا أن تقول: اللهم إني خائفة من كذا؛ فأمّن خوفي, واكفني ما أهمّني, وردّ عني كيد الكائدين, وشرّ الأشرار. أو أن تقول: اللهم إن فلانا آذاني, أو ظلمني, فاكفني شرّه, وخذ لي بحقي منه مثلا. وراجعي الفتوى: 122940 وهي بعنوان: "جواز الدعاء على الظالم بقدر ظلمه"
والله أعلم.