الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمتما قادرين على أداء العمرة، فيلزمكم ذلك فورًا؛ لأن العمرة واجبة على الفور في العمر مرة.
ولا حرج على زوجك في دفع بعض المال لوالديه حتى يعتمرا، ولا يأثم بذلك، ولا يكون بذلك مفرطًا في الاستطاعة؛ فإن تحصيل شرط الاستطاعة ليس واجبًا؛ لأن ما لا يتم الوجوب إلا به، فليس بواجب، فقط إذا وجدت الاستطاعة عندكما وقت خروج الناس للحج، لزمكما السعي له فورًا، وإلا؛ فلا إثم عليكما، جاء في الموسوعة الفقهية: إذا ملك نقودًا لشراء دار يحتاج إليها، وجب عليه الحج إن حصلت له النقود وقت خروج الناس للحج، وإن جعلها في غيره، أثم، أما قبل خروج الناس للحج، فيشتري بالمال ما شاء؛ لأنه ملكه قبل الوجوب، على ما اختاره ابن عابدين. انتهى.
وقال الكاساني في البدائع: ثُمَّ ما ذَكَرْنَا من الشَّرَائِطِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ من الزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ، وَغَيْرِ ذلك، يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا وَقْتَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ؛ حتى لو مَلَكَ الزَّادَ، وَالرَّاحِلَةَ في أَوَّلِ السَّنَةِ قبل أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ أَهْلُ بَلَدِهِ إلَى مَكَّةَ، فَهُوَ في سَعَةٍ من صَرْفِ ذلك إلَى حَيْثُ أَحَبَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّأَهُّبُ لِلْحَجِّ قبل خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لم يَجِبْ عليه الْحَجُّ قَبْلَهُ، وَمَنْ لَا حَجَّ عليه لَا يَلْزَمُهُ التَّأَهُّبُ لِلْحَجِّ، فَكَانَ بِسَبِيلٍ من التَّصَرُّفِ في مَالِهِ كَيْفَ شَاءَ، وإذا صَرَفَ مَالَهُ ثُمَّ خَرَجَ أَهْلُ بَلَدِهِ، لَا يَجِبُ عليه الْحَجُّ. فَأَمَّا إذَا جاء وَقْتُ الْخُرُوجِ، وَالْمَالُ في يَدِهِ فَلَيْسَ له أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ، على قَوْلِ من يقول بِالْوُجُوبِ على الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جاء وَقْتُ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ، فَقَدْ وَجَبَ عليه الْحَجُّ؛ لِوُجُودِ الِاسْتِطَاعَةِ، فَيَلْزَمُهُ التَّأَهُّبُ لِلْحَجِّ، فَلَا يَجُوزُ له صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فالواجب عليكما أن تبادرا بأداء العمرة، ما دمتما قادرين على ذلك، وراجعي الفتوى: 171191، وما أحيل عليه فيها.
ولا حرج على زوجك في إعطاء والديه ما شاء من المال قبل وقت وجوب السعي للحج، فإذا جاء موسم الحج القادم وعندكما ما تحجان به، فبادرا بذلك، وإلا؛ فلا إثم عليكما.
ولعله إن أعطى والديه ليعتمرا، أن يوسع الله عليه، ويرزقه من فضله؛ ببركة بره بوالديه.
والله أعلم.