الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة محل بحث ونظر، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: اختلف في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل: يشرع مطلقا. وقيل: بل تبعا ولا يفرد لواحد؛ لكونه صار شعارا للرافضة. ونقله النووي عن الشيخ أبي محمد الجويني. اهـ.
ومن أجمع من فصَّل في المسألة بذكر ما فيها من أقوال، وسرد للأدلة والجواب عنها عند مخالفيها: الإمام ابن القيم – رحمه الله – وذلك في كتاب/ جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام (من ص: 465 إلى ص: 482)، وختم بحثه بقوله:
فصل الخطاب في هذه المسألة إن الصلاة على غير النبي -صلى الله عليه وسلم- إما: أن يكون آله وأزواجه وذريته، أو غيرهم. فإن كان الأول فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وجائزة مفردة.
وأما الثاني: فإن كان الملائكة وأهل الطاعة عموما الذين يدخل فيهم الأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضا، فيقال: اللهم صل على ملائكتك المقربين، وأهل طاعتك أجمعين. وإن كان شخصا معينا أو طائفة معينة كره أن يتخذ الصلاة عليه شعارا لا يخل به، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه، ولا سيما إذا جعلها شعارا له، ومنع منها نظيره، أو من هو خير منه، وهذا كما تفعل الرافضة بعلي رضي الله عنه، فإنهم حيث ذكروه قالوا: عليه الصلاة والسلام. ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه، فهذا ممنوع لا سيما إذا اتخذ شعارا لا يخل به، فتركه حينئذ متعين، وأما إن صلى عليه أحيانا بحيث لا يجعل ذلك شعارا كما صلى على دافع الزكاة، وكما قال ابن عمر للميت: صلى الله عليه. وكما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة وزوجها، وكما روي عن علي من صلاته على عمر. فهذا لا بأس به. وبهذا التفصيل تتفق الأدلة وينكشف وجه الصواب والله الموفق. اهـ.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 73595.
والله أعلم.