الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقضاء الله تعالى يقع على نحوين:
قضاء مبرم، وهو القدر الأزلي الذي لا يتغير.
وقضاء معلق، وهو الذي في صحف الملائكة، وهذا يمحى ويثبت بحسب الأسباب التي يتعلق بها، فإنه يقال: اكتبوا رزق فلان، أو عمره إن دعا، أو تصدق كذا، وإن لم يَدْعُ أو يتصدق كذا. وفي علم الله وقدره الأزلي أنه سيدعو أو يتصدق، أو لا. وبهذا النوع من القدر فسر قوله تعالى: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ {الرعد:38-39}، وبه يُفسَّر أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. رواه الترمذي وحسنه، وحسنه الألباني.
وبهذا يُعلم أن الدعاء من الأسباب التي يتغير بها هذا النوع من المقادير، ليوافق القدر المبرم في علم الله الأزلي. وراجع في ذلك الفتويين: 35295، 150803.
وإذا تقرر ذلك، عُلم أن الرزق له وقت مقرون بأسبابه -ومنها الدعاء- في القدر المعلق، فإذا دعا العبد عُجل له رزقه، وإذا لم يدع أبطأ عنه رزقه، وفي جميع الأحوال فإن ذلك يوافق ما في القدر الأزلي والقضاء المبرم الذي لا يتخلف.
والله أعلم.