الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالواجب استرجاع المبلغ المسروق من ذلك السارق ممن يقدر على استرجاعه، وتذكيره بالله تعالى، وبأليم عقابه.
وإن أبى أن يرد المال المسروق، تعين رفع أمره إلى المحكمة الشرعية، حتى تستوفي الحق منه، وقد أخرج ابن عبد البر في التمهيد عن ابن القاسم قال: حدثنا مالك، أن عثمان بن عفان كان يقول: «ما يزع الإمام أكثر مما يزع القرآن». اهـ.
والمعنى أنَّ من الناس من لا يردعه أمرٌ ونهيٌ، ولا ترغيبٌ ولا ترهيبٌ، لكن يردعه زجر السلطان وعقوبته.
وأما إخبار المتطوعين: فإن كان المقصود الذين سُرِقَت أموالهم بعينهم، فهذا مما ينبغي؛ لأن أموالهم تلك التي تصدقوا بها قد تكون صدقات واجبة، كزكاة: وإذا كانت كذلك، فينبغي إعلامهم بما حصل من السرقة؛ لأن ذمتهم لم تبرأ ما دام أن أموالهم لم تصل لمستحقيها، وقد نص الفقهاء على أن ذمة المالك لا تبرأ إذا خان الوكيل، قال النووي في المجموع عن خيانة الوكيل في تفريق الزكاة: وَعَلَى تَقْدِيرِ خِيَانَةِ الْوَكِيلِ، لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ، فَمَا لَمْ يَصِلْ الْمَالُ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَالِكِ. اهـ.
وجاء في تعليقات ابن عثيمين -رحمه الله- على الكافي: فلو أعطيتك ألف ريال، وقلت: هذه زكاة، فرقها. ثم إن هذه الزكاة سرقت، فهل يجب على الذي أعطاها أن يخرج بدلًا عنها؟
نعم، يجب أن يخرج بدلًا عنها؛ لأن الوكيل هنا ليس وكيلًا للفقراء، بل هو وكيل لصاحبها.
وهل يضمن هذا الذي سُرقت منه؟
نقول: إن كان قد تعدى، أو فرط، ضمن، وإلا، فلا ضمان. اهـ.
وأما إخبار عامة الناس بما حصل من السرقة في الجمعية، فلا داعي له، وقد تترتب عليه مفسدةٌ، وهي إحجام الناس عن التبرع، وقطع الخير الذي تقوم به تلك الجمعية، وإساءة الظن بكل العاملين فيها؛ فلا ينبغي فيما نرى إخبار الناس، ويكفي عزل ذلك السارق، واسترجاع المال المسروق.
والله تعالى أعلم.