الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة فيها غبن بيِّن، وجهالة فاحشة. فما سينفقه العامل على المواشي مجهول، وهو سيرعاها ويتعاهدها، والربح قد يحصل وقد لا يحصل، وإن حصل فقد يكون كثيرا، وقد يكون قليلا؛ كما ذكرت في السؤال.
وبالتالي، فهذا الشريك لن يضيع جهده فقط، بل سيضيع ما أنفقه أيضا. وعليه، فلا تصح هذه الشركة. جاء في الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: إذا اشترى شخص بعض البهائم، ودفع ثمنها كله من ماله، وتعهد شخص آخر بتربيتها وشراء الطعام لها، فهذه الشركة لا تصح؛ لأن ما يشتريه العامل من الطعام مجهول جهالة فاحشة تؤدي إلى المنازعة، فيفسد أو يبطل العقد. اهـ
ولا يمكن أيضا أن يكون الاتفاق على أن ما سيدفعه العامل في نفقة سيحسب من رأس المال لجهالة مقداره أولًا، ثم إن من شروط صحة الشركة في الأموال مطلقا أن يكون رأس مال الشركة عينا لا دينا، وأن يكون حاضرا عند العقد أو عند الشراء، فلا يمكن أن يكون دينا أو غائبا؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 113970.
ومن الصيغ المقبولة لشركة المضاربة هنا أن يدفع رب المال ماله إلى العامل ليشتري به الأغنام وما تحتاجه من علف أو أجرة راعٍ، ونحوه. وليس على العامل تحمل نفقتها أو مكان حفظها، فإذا انتهت المضاربة أحرز رأس المال، ودفع إلى صاحبه، وما زاد عليه فهو ربح يقسم بين رب المال والعامل بحسب ما اتفقا عليه. وللفائدة انظر الفتوى: 114480.
وانتفاع المضارب بلبن الماشية برضا صاحب رأس المال لا حرج فيه، ولا يؤثر في صحة المعاملة.
والله أعلم.