الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكذب حرام، ولا يرخص في الكذب إلا لضرورة أو حاجة، ويجب أن يكون ذلك في أضيق الحدود، بحيث لا توجد وسيلة أخرى مشروعة تحقق الغرض، ومن الوسائل المشروعة التي تحقق الغرض دون وقوع في الكذب: ما يسمى بالمعاريض، حيث تستعمل كلمة تحتمل معنيين، يحتاج الإنسان أن يقولها، فيقولها قاصدا بها معنى صحيحا، بينما يفهم المستمع معنى آخر.
ومن ذلك أن تقولي عن أبيك إنه غير موجود، وتقصدين أنه غير موجود أمامك أو في غرفتك ونحو ذلك.
وقد صح في الحديث جواز الكذب لتحقيق مصلحة دون مضرة، للغير تذكر، فيما رواه
البخاري ومسلم عن
أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا. وفي رواية: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. ، والمراد بالحديث بين الزوجين هو عن الحب الذي يساعد على دوام العشرة، وقد رأى بعض العلماء الاقتصار في جواز الكذب على ما ورد به النص في الحديث، ولكن جوزه المحققون في كل ما فيه مصلحة دون مضرة للغير، يقول ابن الجوزي ما نصه: وضابطه أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب، فهو مباح إن كان المقصود مباحا، وإن كان واجبا، فهو واجب.
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" ج 2 ص 145: يجوز كذب الإنسان على نفسه، وعلى غيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجاج بن علاط على المشركين حتى أخذ ماله من مكة من غير مضرة لحقت بالمسلمين من ذلك الكذب، وأما ما نال من بمكة من المسلمين من الأذى والحزن، فمفسدة يسيرة في جنب المصلحة التي حصلت بالكذب. وعلى هذا، فكتابة زميلتك في كشف الحضور بينما هي غائبة لا تجوز، لأنه كذب بلا حاجة، كما أنه غش محرم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم.
وكذلك لا يجوز لك أن تقولي لمن سأل عن والدك إنه غير موجود، بينما هو موجود، لأن ذلك كذب يمكن الاستغناء عنه بالمعاريض، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 29059، 29954.
والله أعلم.