الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالزكاة إنما تجب في النقود بشرطين:
أولهما: أن يبلغ المال المدخر نصابًا، وهو ما يساوي 85 جرامًا من الذهب، أو 595 جرامًا من الفضة.
وثانيهما: أن يحول الحول الهجري على النصاب، فمن ملك نقودًا تبلغ النصاب، وبقيت عنده حولًا قمريًّا كاملا، على بلوغ النصاب؛ فقد وجبت فيها الزكاة.
وإن أنفق من المال أثناء الحول في حاجاته، فنقص عن النصاب؛ فإن الزكاة لا تجب في المال عند الشافعية والحنابلة.
ويرى الحنفية أن المعتبر بداية الحول وآخره، فإن كان بالغا للنصاب فيهما، ففيه الزكاة، وإن نقص في أثناء الحول، والقول الأول هو المفتى به عندنا.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وُجُودُ النِّصَابِ فِي جَمِيعِ الْحَوْل مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، فَلَوْ نَقَصَ فِي بَعْضِهِ وَلَوْ يَسِيرًا، انْقَطَعَ الْحَوْل، فَلَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ فِي آخِرِهِ ..... وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ طَرَفَا الْحَوْل، فَإِنْ تَمَّ النِّصَابُ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَلَوْ نَقَصَ الْمَال عَنِ النِّصَابِ فِي أَثْنَائِهِ، مَا لَمْ يَنْعَدِمِ الْمَال كُلِّيَّةً .. اهــ.
وكذلك لو تعمد صاحب المال إنقاص المال عن النصاب قبيل وقت الزكاة، حتى لا يخرج زكاته؛ فإن من العلماء من يوجب عليه الزكاة في هذه الحال، ولو نقص المال عن النصاب، معاملةً له بنقيض قصده.
جاء في الموسوعة الفقهية: مَنْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنَ النِّصَابِ قَصْدًا لِلتَّنْقِيصِ؛ لِتَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ، لَمْ تَسْقُطْ عِنْدَ الإْمَامِ مَالِكٍ وَالْحَنَابِلَةِ. وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهُ فِي آخِرِ الْحَوْل، إِذَا كَانَ إِبْدَالُهُ أَوْ إِتْلاَفُهُ عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ، وَلَوْ فَعَل ذَلِكَ فِي أَوَّل الْحَوْل، لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ؛ لأِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَظِنَّةٍ لِلْفِرَارِ. وَبِهِ قَال الأْوْزَاعِيُّ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَقَال الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ؛ لأِنَّهُ نَقَصَ قَبْل تَمَامِ الْحَوْل، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ لِحَاجَتِهِ. ... اهــ.
أما لو نقص عن النصاب بسبب صرف فيما لا ينبغي، بل ولو في الحرام دون قصد الفرار من الزكاة، فلا زكاة فيه.
والله تعالى أعلم.