الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على ثقتك بنا، وكتابتك إلينا.
ونود في البدء أن نلفت نظرك إلى أنك في سؤالك هذا لم تذكر أنك أخطأت بإقامتك علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية عنك، طيلة هذه المدة الطويلة، وأنك تحادثها على وجه غير مشروع، ولم تبدِ على ذلك ندمًا، أو تقبل على توبة، وكلا الأمرين -نعني إقامة العلاقة، والمحادثة- معصية لله عز وجل، تجب التوبة منها، وقطع هذه العلاقة، وراجع الفتاوى: 30003، 21582، 5450.
والزواج مشوار طويل، وحياة يمكن أن تكتنفها كثير من العوائق، التي تتطلب كثيرًا من الفهم، والتعقل لتجاوزها، فليست فسحة تخلو من كدر، كما هو شأن الحياة عمومًا، ورحم الله الشاعر أبا العتاهية، حيث قال:
ما زالَتِ الدُنيا لَنا دارَ أَذى مَمزوجَةَ الصَفوِ بِأَلوانِ القَذى
الخَيرُ وَالشَرُّ بِها أَزواجُ لِذا نِتــاجٌ وَلِذا نِتـــاجُ
ومن هنا لا ينبغي أن يخضع أمر الزواج لمجرد مشاعر عاطفية، قد تكون في غالب الأحيان مبنية على أوهام سرعان ما تتهاوى عند الدخول في هذه الحياة الزوجية، ونحن هنا لا نريد أن نقول لك: تزوج من تلك الفتاة الأولى، أو من هذه الثانية، ولكن نقول لك: أحسِن الاختيار؛ بناء على الأسس التي جاء بها الشرع، ويمكنك أن تستفيد في هذا الجانب من فتوانا: 8757.
فإذا سلكت هذا النهج، تكون قد أرحت نفسك من القلق، والتوتر، والحيرة فيمن هي أحق باختيارها زوجة، ومنه تعلم أن الاختيار قد يقع على ثالثة، أي: غير هاتين الفتاتين.
ونؤكد لك أمرَ الاستخارة، والتي قد سبقت الإشارة إليها، إضافة إلى الاستشارة، فبهما يكون التوفيق بإذن الله تعالى، وراجع في الاستخارة الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.
وننبهك إلى أمرين:
الأمر الأول: أن المرأة إذا خطبها رجل، وركن كل منهما للآخر، فلا يجوز لأحد خطبتها، إلا إذا تركها هذا الخاطب، أو أذن، وانظر للمزيد الفتوى: 196461.
وإذا عقد له عليها العقد الشرعي، فقد أصبحت زوجة لآخر، فيتأكد منع خطبتها حتى يطلقها، كما أن التواصل معها مما يعظم به الإثم؛ لما فيه من الجناية على حق زوجها، إضافة إلى ما فيه من معصية لله سبحانه.
الأمر الثاني: أن فسخ الخطبة ليس فيه ظلم للمخطوبة، فإنه جائز، ولكنه يكره إن لم يكن لحاجة.
ويمكن فسخها بإخبارها، أو وليها بعدم الرغبة في الزواج من الفتاة، وراجع الفتوى: 18857.
والله أعلم.