الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وأن الصدقة بجميع أنواعها محرمة عليه وعلى آله صلى الله عليه وسلم، وذكر العلماء عللاً كثيرة لذلك، منها أن الصدقات أوساخ الناس، فلم تناسب لذلك رتبته الشريفة، فقد ثبت في المسند وصحيح مسلم من حديث المطلب بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس" قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ) تَنْبِيهٌ على العلة فِي تَحْرِيمِهَا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَأَنَّهَا لِكَرَامَتِهِمْ وَتَنْزِيهِهِمْ عَنِ الْأَوْسَاخِ. وَمَعْنَى (أَوْسَاخُ النَّاسِ) أَنَّهَا تَطْهِيرٌ لِأَمْوَالِهِمْ وَنُفُوسِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها}، فَهِيَ كَغَسَّالَةِ الْأَوْسَاخِ"، انتهى. وقال الشوكاني -رحمه الله- : وإنما سميت أوساخاً لأنها تطهرة لأموال الناس ونفوسهم، قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التوبة: من الآية103] انتهى .
ومنها: أنه لشرف النبوة وعلو مقامها لا يناسب أن يرتفع عليه - صلى الله عليه وسلم - من هو أدنى منه بصدقة أو زكاة، والهدية أشرف من الصدقة فلذا ناسبت مقامه الشريف. ويمكنك أن تطالعي المزيد من الفائدة في الفتوى: 15881.
ومما تنبغي ملاحظته أن آله -صلى الله عليه وسلم- إذا حرموا من حقهم في بيت المال وكانوا محتاجين إلى الصدقة، فإنها تباح لهم.
والله أعلم.