الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور ثابت في الصحيحين، ويجوز قول ذلك من باب حسن الظن، والتفاؤل.
وأما إطلاقه على سبيل الجزم، والحكم به على مسلم معين بعد انقطاع الوحي - بموت الرسول صلى الله عليه وسلم-، فمن باب الحكم على المغيبات، التي لا يعلمها إلا الله تعالى.
واليقين بصدق خبر النبي صلى الله عليه وسلم، ليس المقصود به الشهادة، والحكم بما لا نعلمه من المغيبات؛ قال الله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {الإسراء:36}.
وأهل السنة يرجون للمحسن، ويخافون على المسيء، ولا يحكمون لأحد بجنة ولا نار، ولا غيرها من الأحكام الغيبية، إلا ما شهد به الوحي، قال البهوتي في الروض المربع: نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء، ولا نشهد إلا لمن شهد له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحرم سوء الظن بمسلم ظاهر العدالة، ويستحب ظن الخير بالمسلم. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: قوله: (باب لا يقال فلان شهيد) أي: على سبيل القطع بذلك، إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب، فقال: تقولون في مغازيكم: فلان شهيد، ومات فلان شهيدًا، ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات في سبيل الله، أو قتل، فهو شهيد". وهو حديث حسن، أخرجه أحمد، وسعيد بن منصور. انتهى.
ويجوز للمسلم أن يخبر عن أعمال المتوفى الصالحة، ويقرن مدحه له، بقول: "نحسبه والله حسيبه"، فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال النبي صلى الله عليه وسلم: .. من كان منكم مادحًا أخاه لا محالة، فليقل: أحسب فلانًا، والله حسيبه، ولا أزكّي على الله أحدًا، أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه. متفق عليه. من غير غلو في المدح، ولا قطع بغيبيات، علمها عند الله سبحانه وتعالى.
ولمزيد فائدة ينظر الفتاوى التالية أرقامها: 283192، 268282، 293113، 20497.
والله أعلم.