الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى وجها لهذا الشرط!! بل هو مناف لمقتضى العقد، فيما يظهر لنا؛ لأن من تعلم شيئا نافعا بلا مقابل لا يصح أن يقال له: اكتم هذا العلم النافع ولا تُفِد به أحدا. فما بالنا والمتعلم قد بذل أجرة مشروطة في مقابل ذلك؟! وبذل الأجرة يقتضي مشروعية كافة أوجه الانتفاع بما جرى عليه العقد، وهو هنا العلم الذي اكتسبه.
وقد ذكر ابن قدامة الأنواع الأربعة للشروط في البيوع وغيرها وأحكامها، ومنها: اشتراط ما ينافي مقتضى البيع، مثل أن يشترط أن لا يبيع، ولا يهب، أو يشترط عليه أن يبيعه، أو متى نفق المبيع وإلا رده، أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثمن، قال: فهذه وما أشبهها شروط فاسدة. اهـ.
وهذه الشروط الفاسدة تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله! ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط. رواه البخاري ومسلم.
وقال الخطابي في معالم السنن: كل شرط كان من مصلحة العقد أو من مقتضاه فهو جائز ... وأما ما يفسد البيع من الشروط فهو كل شرط يدخل الثمن في حد الجهالة، أو يوقع في العقد أو في تسليم المبيع غرراً، أو يمنع المشتري من اقتضاء حق الملك من المبيع. اهـ.
وعلى ذلك، فلا نرى أن السائل يلزمه هذا الشرط، وأنه لا حرج عليه أن يفيد الناس بما تعلمه.
والله أعلم.