الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإننا نسأل الله تعالى أن يشفيك مما أصابك من الأمراض، وأن يجعل ذلك كفارة ورفعة لدرجاتك. ونذكرك بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه أحمد وابن ماجه، وانظري للأهمية، الفتوى رقم: 339703، والفتوى رقم: 19002، والفتوى رقم: 170565.
وأما هل يمكن أن يكون ما أصابك بسبب روحاني على حد وصفك، فجوابه أن ما أصابك إنما هو بقدر الله تعالى، والأمراض وإن كانت عضوية، فلا يبعد أن تكون بسبب أذية الشياطين، وقد قال أيوب عليه السلام مستغيثا بربه: أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ. [ص: 41].
قال ابن جرير: يَعْنِي: «الْبَلَاءَ فِي الْجَسَدِ»، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: إِذْ نَادَى رَبَّهُ مُسْتَغِيثًا بِهِ، أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِي. اهـ.
والمشروع للمسلم أن يستغيث بالله تعالى كما استغاث به عبده أيوب عليه السلام، وأن يتداوى أيضا بمراجعة الأطباء، وأيضا بالأدعية والرقية المشروعة من الكتاب والسنة، مع عدم اليأس فإنه كما قال الله تعالى: { ... إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } سورة يوسف: 87.
قال القرطبي في تفسيره: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) أَيْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ فَرَجِ اللَّهِ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ، يُرِيدُ: أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَرْجُو فَرَجَ اللَّهِ، وَالْكَافِرَ يَقْنَطُ فِي الشِّدَّةِ. اهــ.
وقال ابن جرير: {إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} يَعْنِي: الْقَوْمَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ قُدْرَتَهُ عَلَى مَا شَاءَ تَكْوِينُهُ. اهـ.
فاحذري اليأسَ من الشفاء، ولا تكوني من الجاهلين بقدرة الله تعالى وعظيمِ رحمته، واجتهدي في الأخذ بالأسباب من التداوي والرقية الشرعية، وسوف تجدين الفَرَجَ بإذن الله تعالى.
والله تعالى أعلم.