الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن كل ما جاء خطابا للرجال دخل فيه النساء، إلا ما دل الدليل على خصوصيته، وهذه قاعدة عامة في هذا الباب.
ولا شك في أنه من الصعب في هذا المقام أن نحصر ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم من أمور، وما أمرهن به، وسنذكر لك بعض النصوص التي اشتملت على جملة من المأمورات والمنهيات، فمن المنهيات ما يلي:
أولا: روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، ثم انصرف، فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة فقال: أيها الناس تصدقوا. فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير....الحديث. ورواه مسلم أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما.
والعشير هو الزوج، والمقصود بكفرانه جحد نعمته وإنكارها، أو سترها بترك شكرها، كما قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي.
ثانيا: في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. ولمعرفة معاني هذه الألفاظ انظري الفتوى رقم: 32444.
ثالثا: روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور. وللمزيد فيما يتعلق بحكم زيارة النساء للقبور انظري الفتوى رقم: 55209.
رابعا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جملة من الأمور تفعلها النساء عند موت قريب ونحوه، وقد أوردنا النصوص بخصوصها في الفتوى رقم: 20439.
خامسا: ما جاء من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تبرج النساء، وراجعي فيه الفتوى رقم: 8569.
ومن المأمورات ما يلي:
أولا: إهداء المرأة لجارتها، ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: يا نساء المسلمات؛ لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة.
قال الصنعاني في سبل السلام: "ولو فرسن شاة".... وهو من البعير بمنزلة الحافر من الدابة، وربما استعير للشاة.... والمراد من ذكره المبالغة في الحث على هدية الجارة لجارتها لا حقيقة الفرسن؛ لأنه لم تجر العادة بإهدائه. اهـ.
ثانيا: روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. فيه أمرها بطاعة زوجها في المعروف، وللمزيد انظري الفتوى رقم: 50343.
ثالثا: روى أبو داود عن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق. فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.
فأمرهن بالتأخر، والسير على جوانب الطريق؛ لئلا يحصل الاختلاط المحرم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 18352.
وللمزيد يمكن مراجعة كتاب أحكام النساء للإمام أحمد برواية تلميذه الخلال، وكتاب عشرة النساء للنسائي.
والله أعلم.