الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بين الشرع الحكيم أن الدين، والخلق هما الأساس في اختيار الزوج، روى الترمذي، وابن ماجه -واللفظ له- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه، ودينه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
قال المناوي في فيض القدير، في بيان معنى هذا الحديث: (فزوجوه) إياها، وفي رواية: فأنكحوه أي: ندبًا مؤكدًا. اهـ.
وذكر الغزالي في إحياء علوم الدين، أن رجلًا قال للحسن - رحمه الله -: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها، أكرمها، وإن أبغضها، لم يظلمها.
وهذا التعامل الحسن من الزوج مع زوجته، تبقى آثاره، وتجنى ثماره حين تذهب عواطف وأحاسيس ما يسمى بالحب، والغرام، ويبقى بينهما المودة، والاحترام؛ وبذلك تقوى العشرة بينهما، وتعيش الأسرة مستقرة، ويجدون بركة ذلك في نشأة الذرية.
والحاصل: أن هذا الشاب إذا كان دينًا ذا خلق، فاقبلي به خاطبًا، ولا تلتفي إلى أي هواجس وأوهام قد تحول بينك وبينه، فتكون العاقبة أن تحرمي منه، وتندمي حين لا ينفع الندم.
ومن الأهمية بمكان المصير إلى الاستخارة، وقد أحسنت بفعلها عند الخطبة، وتكرارها مشروع، إن رغبت في الاستخارة مرة أخرى، وراجعي الفتوى رقم: 139649.
وإذا تيسر الأمر وتم الزواج، فهذا يعني أن فيه خيرًا لك.
وإن لم يتم، فقد يكون الله عز وجل قد صرف عنك شرًّا، ففوضي أمرك لله، وانظري الفتوى رقم: 123457.
وننبه إلى أن الخاطبين لا يزالان أجنبيين عن بعضهما؛ حتى يعقد لهما العقد الشرعي، فليكن التعامل بينهما على هذا الأساس.
ولا حرج في أن يهدي كل منهما للآخر هدية، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 331168.
والله أعلم.